لماذا ترتفع سوق الأسهم والعقار السعودي في فترات انخفاض البترول (2019 – 2020)؟ ولماذا يحصل الركود في الأسعار عندما ترتفع أسعار النفط وعند تحقيق فوائض في الميزانية(2022)؟
النفط هو عامل اقتصادي مهم مع العوامل الاقتصادية الأخرى، ولكن لا يعتبر العامل الأول ولا الثاني الذي يتسبب بالتضخم والفقاعات المالية في سوق الأسهم والعقار السعودي.
ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي يُحتّم على العالم والاقتصاد السعودي استقبال التضخم والفقاعات المالية في سوق الأسهم والعقار السعودي في فترات ضعف الدولار.
الدولار الأمريكي هو السلاح الحقيقي لأمريكا في حربها التجارية مع الصين، وهذه الحرب مازالت مستمرة منذ الثمانينات، واليوم أصبحت أكثر حدة ووضوح، وغداً سوف تصبح أكثر شراسة. وهي تؤثر بشكل كبير على الدورات التي تتغير فيها أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي.
تُوظّف منظومة البترودولار الطلب الهائل واللانهائي على مصادر الطاقة بسبب الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم، إلى دعم هيمنة الدولار الأمريكي على بقية العملات الأجنبية. وهذا يحقق مكاسب عظيمة للاقتصاد الأمريكي دونَ الدول النفطية.
هناك بوادر لأزمة مالية عالمية مُخيفة تلوح في الأفق بطابع أزمة الديون والعملات، وأتوقع أنها سوف تحمل سمات دورة أسعار الفائدة الحالية من حيث السرعة، الاستثنائية، والقوة.
ضرورة تنويع الاحتياطيات بعيداً عن مخاطر الدولار الأمريكي.
انهيار سوق الأسهم السعودي في 2006 كشف لأول مرة مناعة الاقتصاد السعودي ضد الآثار السلبية التي تتبع الأزمات المالية، وهذا يفتح آفاقًا مهمة في المستقبل يمكن فيها استغلال فترات ارتفاع أسعار النفط للقيام بإصلاحات هيكليّة جذرية في القطاع العقاري نعالج فيها مشكلة السكن.
السوق العقاري السعودي اليوم يمر بظروف مشابهة لظروف سوق الأسهم في عام 2006، وهو غير مستعد للتصحيح القادم (2023 – 2024).
شهِد الاقتصاد السعودي خلال العقود الماضية العديد من الأحداث والأزمات المالية: أهمها الطفرة الاقتصادية والتي تَبِعها فٌقاعة العقار السعودي الأولى في نهاية السبعينيات، فقاعة سوق الأسهم السعودي في عام 2006، وموجة الصعود الثانية التاريخية في سوق العقار السعودي (2009 – 2016) ،وأخيراً موجات الصعود “المتزامنة أو التوأم” والتي حدثت في سوق العقار السعودي وسوق التمويلات البنكية بنفس الوقت (2020 – 2022).
ومازالت الفكرة السائدة إلى اليوم أن أسعار النفط هي سبب التقلبات والأزمات المالية. وأغلب التحليلات الاقتصادية والمالية لم تتطرق بعد إلى السبب الرئيسي الذي يقف خلف تغيُّر أسعار النفط، وهو تغيُّر في دورة أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي؛ وأثر ذلك على القيمة الحقيقة لعملة الدولار الأمريكي، وأيضاً على القيمة الحقيقية للريال السعودي؛ ومن ثم تأثير ذلك على تكلفة شراء النفط الذي يتم تسعيره وتداوله في الأصل بعملة الدولار الأمريكي؛ بحيث ترتفع تكلفة شراء النفط ويقل الطلب العالمي عليه عندما يصعد الدولار الأمريكي، فيتباطأ نُمو الاقتصاد العالمي، والعكس في حالة هبوط هذه العملة.
الطلب العالمي عليه عندما يصعد الدولار الأمريكي، فيتباطأ نُمو الاقتصاد العالمي، والعكس في حالة هبوط هذه العملة.
لذلك من يراجع هذه الأحداث الاقتصادية والأزمات المالية التي شهِدها الاقتصاد السعودي خلال العقود الماضية، سوف يلاحظ أنها تزامنت مع صعود وهبوط الدولار الأمريكي (عامل مشترك!) بين جميع هذه الأزمات المالية. بل واقع الأمر يشير إلى أن ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي يُحتّم على العالم والاقتصاد السعودي استيراد التضخم والفقاعات المالية في سوق الأسهم والعقار السعودي!
سوف أكتب في هذا المقال عن الدورات الرئيسية الأربعة التي تغيرت فيها أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي خلال الـ40 سنة الماضية، وكيف كانت استجابة سوق الأسهم والعقار السعودي لها؟ هدفي الأول هو توضيح أن النفط عامل اقتصادي مهم مع العوامل الاقتصادية الأخرى، ولكن لا أعتبره العامل الأول ولا الثاني من العوامل التي تؤثر على سوق الأسهم والعقار السعودي. وهدفي الثاني هو توضيح مخاطر الدولار الأمريكي على الاقتصاد السعودي باعتباره مصدرًا رئيسيًا لجميع الفقاعات المضاربية والأزمات المالية التي حدثت في السوق السعودي خلال العقود الماضية.
دورة اسعار الفائدة على الدولار الأمريكي (Mid 1970s – Mid 1980s) وفقاعة العقار السعودي في السبعينيات
الفكرة السائدة في هذه الدورة أن الطفرة الاقتصادية و فقاعة العقار السعودي في السبعينيات كانت بسبب ارتفاع أسعار النفط غير المسبوق! ولكن هل ارتفعت أسعار النفط بسبب زيادة الطلب على منتجات الطاقة أم بسبب انخفاض القيمة الحقيقية والقوة الشرائية لعملة الدولار الأمريكي! ولماذا تزامن ذلك مع ارتفاع أسعار جميع السلع في تلك الفترة (أغلب السلع العالمية كان يتم تسعيرها وتسويتها بالدولار الأمريكي!)؟ على سبيل المثال أسعار الذهب صعدت بشكل جنوني منذ بداية السبعينيات من 35 دولار أمريكي إلى 670 دولار أمريكي مع نهاية عام 1980؟ ولماذا ظهر تضخم الثمانينيات التاريخي في السوق الأمريكي؟ وهل الدولار الأمريكي أطلق هذا التضخم الهائل على العالم؟
سياسة الدولار الأمريكي الضعيف وهبة الشراء غير الطبيعية
في الواقع أن فقاعة العقار السعودي في السبعينيات تزامنت بشكل كبير مع دورة الدولار الأمريكي الأولى (الشكل 1)؛ حيث ذكر رجل الأعمال سليمان أبانمي رحمة الله عليه في لقاء تلفزيوني شهير: أنه في شهر أبريل 1973 حصلت هناك “هبة شراء غير طبيعية من الناس”، ولما سأله المذيع هل هناك سبب أو دافع لها؟ أجاب عليه بعدم معرفته بسببها نهائياً. في نفس هذا اللقاء ذكر أن سعر المتر لأحد الأراضي التي يملكها وصل إلى 1,800 ريال للمتر الواحد مع نهاية عام 1982. وبعد ذلك، في عام إلى 1987 انخفضت الأسعار إلى 500 ريال للمتر الواحد في نفس الموقع بسبب الظروف الاقتصادية وزيادة الدين العام.
هذه الأحداث التي وصفها سليمان أبانمي رحمة الله عليه عن فقاعة العقار السعودي في السبعينيات، تتطابق بشكل كبير مع دورة الدولار الأمريكي الأولى التي بدأت بانخفاض حاد في القيمة الحقيقية والقوة الشرائية للدولار الأمريكي حتى وصل مستويات قاعه التاريخي تحت قيمة 85؛ وذلك بسبب فك ارتباطه بالذهب والمحاولات الحثيثة من قبل الاحتياطي الفيدرالي وقتها لتخفيضه حتى ظهر تضخم الثمانينيات التاريخي في الاقتصاد الأمريكي (أنظر إلى الحرف A في
سياسة الدولار الأمريكي القوي وتصحيح الأسواق المالية
في نهاية المطاف، انتهت هذه الفقاعة العقارية بتصحيح حاد مع بدء دورة أسعار الفائدة المرتفعة غير المسبوقة والتي قام بها بول فولكر رئيس الاحتياطي الفيدرالي حتى تمت السيطرة على التضخم في منتصف الثمانينيات. ونتيجة لذلك كانت بداية رحلة الصعود التاريخي للدولار الأمريكي في عام 1980؛ حيث صعد من 82 إلى 160 بنهاية عام 1985(أنظر إلى الحرف B في الشكل 1).
أرغم صعود الدولار الأمريكي في موجته الأولى الكثير من دول أمريكا اللاتينية خلال الثمانينيات على سداد ديونها بالدولار الأمريكي باهظ التكلفة، فحدثت أزمة ديون أمريكا اللاتينية Latin American debt crisis. في الوقت نفسه، ارتفعت تكلفة شراء النفط، وانخفضت عوائد النفط وانخفضت معها فوائض الميزانية السعودية. وبدأ الدين العام السعودي يتزايد من منتصف الثمانينيات (مواجهة أزمة السيولة عن طريق تسييل الاحتياطيات الأجنبية التي خُزّنت في الدورة السابقة، أو زيادة مستويات الدين العام). وهذا يتطابق مع ما ذكره سليمان أبانمي رحمة الله عليه في نفس اللقاء من أن سعر إحدى الأراضي التي كان يملكها أنخفض بنسبة 70% مع نهاية عام 1987 بسبب الظروف الاقتصادية وزيادة الدين العام.
الجدير بالذكر بأن بعض الأسواق الخليجية استوردت أيضاً هذا التضخم الهائل على شكل فقاعات مالية ظهرت وانتهت بالتزامن مع هذه الدورة، مثلما حصل في فقاعة سوق الأسهم الكويتي “سوق المناخ”.
دورة أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي (2000 –2006 ) وفقاعة سوق الأسهم السعودي 2006
مرة أخرى، كانت الفكرة السائدة في هذه الدورة أن النفط كان من الأسباب الرئيسية لفقاعة سوق الأسهم السعودي في 2006! وهناك العديد من التساؤلات المهمة والتي تتعارض مع هذه الفكرة! من مثل : لماذا ظهرت في تلك الفترة بالتحديد القروض الاستهلاكية العشرية التي تصل فترة سدادها إلى 10 سنوات؟ ولماذا توسعت البنوك في القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان التي وصلت إلى 185 مليار ريال بنهاية عام 2005؟ ولماذا ظهرت لأول مرة التسهيلات البنكية المقدمة للأفراد في سوق الأسهم السعودي التي وصلت إلى 90 مليار ريال بنهاية عام 2005؟
أيضاً من التساؤلات المهمة، لماذا أُطلق العنان لمكينة التمويلات البنكية بالعمل بالطاقة القصوى في تلك الفترة؟ وهل السيولة الهائلة في تلك الفترة كانت قادمة من مبيعات النفط أم من مكينة التمويلات البنكية؟ وإذا كانت السيولة مصدرها النفط! فلماذا سدد الأفراد هذه التمويلات البنكية في السنوات اللاحقة؟
لا شك أن هناك أسباب كثيرة أسهمت في هذه الفقاعة، ولكن مع بداية هذه الدورة كان هناك تعارض خطير في المصالح بالنسبة للبنوك التجارية. فهي من جهة كانت مسؤولة عن إدارة تداول سوق الأسهم ، ومن جهة أخرى واستجابة لانخفاض أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي كانت تقدم للأفراد والشركات تمويلات بنكية رخيصة وبكميات هائلة حتى تحقق أعلى ربح ممكن ( كتاب قصة السوق، هيئة السوق المالية ).
بالإضافة إلى ذلك عدم وجود سوق تمويلات عقارية سعودي قادر على استيعاب هذه السيولة القادمة من التمويلات البنكية الرخيصة، فاقم من المشكلة وتسبب بتوجيه هذه السيولة الضخمة إلى سوق الأسهم متسببة بالفقاعة المالية في سوق الأسهم في 2006 (الشكل 2).
لماذا لم تكبح دورة أسعار الفائدة المرتفعة في البداية فقاعة سوق الأسهم 2006؟
السبب ببساطة أن هذه الحالة هي تعريف الفقاعة المالية، والتي تنفصل فيها توقعات المتداولين عن جميع العوامل الاقتصادية. كذلك هذه الدورة بدأت بعد أن ظهرت الفقاعة السعرية وبعد أن أرتفع سوق الأسهم السعودي من مستويات 2000 إلى مستويات 6000 نقطة، لذلك لم تتجاوب الأسعار المدفوعة بهذا الهوس المضاربي مع الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة (الشكل 2).
هل يمتلك الاقتصاد السعودي مناعة ضد الأزمات المالية التي تحدث في سوق الأسهم والعقار السعودي؟
في الحقيقة أن انهيار سوق الأسهم السعودي 2006 كشف لنا لأول مرة مناعة الاقتصاد السعودي ضد الأزمات المالية التي تحدث في سوق الأسهم والعقار السعودي بسبب اعتماده على أسعار النفط؛ لإن انهيار سوق الأسهم في 2006 تبعه تحقيق فوائض في الميزانية، وتضاعفت الاحتياطيات الأجنبية السعودية، وسُدِّد الدين العام بعدها مباشرة. بمعنى أن الأثر السلبي الذي تعرض له الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق الاستهلاكي من قبل الأفراد عُوِّض من عناصر أخرى مثل: الإنفاق الحكومي وغيرها. وهذا يفتح آفاقًا مهمة للاقتصاد السعودي في المستقبل يمكن من خلالها استغلال فترات ارتفاع أسعار النفط لعمل إصلاحات هيكلية قوية في سوق العقار لمعالجة مشكلة السكن.
ما الظروف والأحداث العالمية التي مهدت لظهور هذه الدورة؟ ولماذا يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي؟
هناك أسباب كثيرة،ولكن أهمها الحرب التجارية بين أمريكا والصين. وللتوضيح، بعد أن تمكَّن الاحتياطي الفيدرالي من القضاء على تضخم الثمانينيات التاريخي، دخلت أمريكا والصين في صراع تجاري بدأ في منتصف الثمانيات (الشكل 3) في سوق العملات على تخفيض العملة، كان الهدف منه تخفيض العملة المحلية حتى تزيد جاذبية السلع المحلية بسعر رخيص على حساب السلع الأجنبية، فتزيد الصادرات وتحقق معها النمو الاقتصادي.
على سبيل المثال في الفترة بين منتصف الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات، استطاعت أمريكا تخفيض قيمة مؤشر الدولار الأمريكي من 160 إلى 80 (أنظر رقم 1 شكل 3). وبنفس الوقت استطاعت الصين تخفيض اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي من 2.8 يوان لكل دولار أمريكي إلى 8.8 يوان لكل دولار أمريكي (أنظر رقم 2 شكل 3)، وهذا الشيء أزعج أمريكا بشكل كبير إلى درجة أنها صنفت الصين لأول مرة كدولة متلاعبة بالعملة.
وفي الحقيقة كان تعمُّد الصين في تخفيض عملتها مقابل الدولار الأمريكي من منتصف التسعينيات وحتى بداية الألفية الثالثة، ممكنًا لها من تحقيق نمو اقتصادي مرتفع على حساب انكماش اقتصادي في أمريكا والذي أنتهى بركود اقتصادي في عام 2001، ولهذا دخل الدولار الأمريكي في موجة صعود قوية هي الثانية خلال ال 40 سنة الماضية، بسبب القوى الانكماشية التي صدّرتها الصين للدولار الأمريكي والعالم (أنظر رقم 3 شكل 3).
وبناء على ذلك تسبب صعود الدولار الأمريكي بأزمات مالية في سوق العملات الأجنبية وأسواق السندات الحكومية (النظام البنكي)، وأسواق الأسهم والعقار. فعلى سبيل المثال أرغم صعود الدولار الأمريكي في موجته الثانية الكثير من الدول الآسيوية على سداد ديونها بالدولار الأمريكي باهظ التكلفة. وعلى إثره ظهرت أزمة العملات والديون الآسيوية أو ما يعرف بالأزمة المالية الآسيوية 1997 Asian Financial Crisis. ومرة أخرى -كما حصل في الدورة السابقة- تجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي السعودي 100٪ في تلك الفترة.
الأسباب السابقة مهّدت لبدء دورة أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي (2000 –2006 )؛ لتحفيز الاقتصاد الأمريكي وأيضاً لمواجهة الصين في الحرب التجارية، وقد انخفض معدل الفائدة على الدولار الأمريكي من 6% إلى 1.8%. وبناء على ذلك انخفضت قيمة مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة انخفاض من 120 إلى 80 بنهاية عام 2004.
وفي ظل ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، انعكس هذا الانخفاض على انخفاض معدلات الفائدة (تكلفة التمويلات البنكية) في البنوك السعودية. فتشجعت البنوك السعودية والشركات والأفراد على التّوسع في الاقتراض الذي وصل وقتها إلى أرقام غير مسبوقة (2000 –2005 ).
دورة أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي (2008 – 2016)
الدورة السابقة تسببت بفقاعة عقارية في سوق العقار الأمريكي، وعلى أثرها حصلت الأزمة المالية العالمية في عام 2007؛ نتيجة لذلك أعلن الاحتياطي الفيدرالي بداية دورة أسعار الفائدة المتدنية في نهاية عام 2007، والتي وصلت فيها أسعار الفائدة إلى مستويات شبه صفرية لأول مرة في تاريخ الدولار الأمريكي.
استخدمت أمريكا في هذه الدورة السلاح الاقتصادي أو سلاح التيسير الكمي Quantitative easing للمرة الأولى، وقد تمكنت من التغلب على الصين وإجبارها على رفع العملة الصينية إلى أعلى مستوى لها خلال ال 28 عام الماضية كي تتفادى هذا التضخم الهائل القادم من أمريكا، ونتيجة لذلك وصلت عملة اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي إلى 6.05 يوان بنهاية عام 2013 (أنظر رقم 4 شكل 3).
وفي الوقت نفسه هذا السلاح الذي اعتمده الفيدرالي في تخفيض القيمة الحقيقية للدولار الأمريكي وتصدير قوى تضخمية هائلة إلى العالم تسبب برفع أسعار الطاقة والغذاء، وتطورت إلى اضطرابات سياسية كما حدث في تونس ومصر وبقية الدول العربية في ثورات الربيع العربي في 2011، وبالمناسبة يُعد الدولار الأمريكي لهذه الدول سلاح ذو حدين؛ فأسعار الغذاء والطاقة ترتفع عند صعود الدولار (تضحي بالعملة المحلية لحماية القطاع البنكي!)، وأيضاً عند هبوطه. لذلك هذه الدول في مأزق كبير، ولن تستطيع الصمود كثيراً أمام دورات الدولار الأمريكي التي زادت في الآونة الأخيرة.
سياسة الدولار الأمريكي الضعيف وهبة الشراء غير الطبيعية
على صعيد الاقتصاد السعودي، بدأت في هذه الدورة تظهر ملامح سوق التمويلات العقارية، وتشجعت البنوك التجارية في تقديم القروض العقارية للأفراد والشركات، ولكن مازالت وقتها فقاعة سوق الأسهم السعودي في 2006 حاضرة في الأذهان، لذلك أعتقد أنه سبب توجه أغلب سيولة التمويلات البنكية الرخيصة إلى سوق العقار السعودي ليصعد في موجة تاريخية هي الثانية في هذا السوق، وبنسبة ارتفاع 71% تقريباً والتي بدأت في عام 2009 وانتهت في عام 2016 (الشكل 4).